تقارير وتحليلات

الحرب في السودان.. غياب الإمارات يثير الشكوك حول نجاح مباحثات جدة

ترجمات- بعد أيام فقط من قبول الجيش السوداني دعوة لاستئناف المحادثات، التي توسطت فيها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وتهدف إلى إنهاء أكثر من ستة أشهر من القتال مع قوات الدعم السريع، وهي ميليشيا شبه العسكرية، استولت الأخيرة على نيالا ثاني أكبر مدينة في البلاد.

الكاتبة الصحفية الجنوب أفريقية مارشيه أرندرس، ذكرت في مقال تحليلي لها حول الحرب في السودان ودور الفاعلين الإقليميين، أن نيالا (عاصمة ولاية جنوب دارفور) تمثل لقوات الدعم السريع، جسر ذو أهمية استراتيجية إلى جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تتلقى منها الكثير من الأسلحة والتعزيزات، التي يقال إن مرتزقة فاجنر الروسية زودوها بها.

وينظر البعض إلى الاستيلاء على نيالا على أنها نقطة تحول، حيث يبدو أنها تضع قوات الدعم السريع في موقف تفاوضي أقوى قبل المحادثات التي ترعاها السعودية.

ويمتد الصراع بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع إلى ما هو أبعد من حدود السودان، فبالنسبة للقوى الخليجية، ينظر إلى أن الصراع السوداني على أنه فرصة لمزيد من المنافسة الإماراتية السعودية في الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط.

دعم سري

أمدجراس، المدينة التشادية الواقعة على الجانب الآخر من الحدود السودانية، هي القاعدة التي تدير منها الإمارات عملية من المفترض أنها تساعد اللاجئين السودانيين.

ولكن خلف واجهة ما تؤكده الإمارات العربية على أنها جهود إنسانية، يكمن الدعم السري لقوات الدعم السريع.

وقال كاميرون هدسون، المحلل السابق لشؤون أفريقيا بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، لصحيفة نيويورك تايمز : “لقد فعلت الإمارات أكثر من أي شخص آخر لدعم قوات الدعم السريع وإطالة أمد الصراع في السودان”.

وفي تناقض صارخ مع التصريحات العامة التي تدعو إلى السلام، تعمل الإمارات على تأجيج الصراع من خلال إمدادها بالأسلحة والطائرات بدون طيار والعلاج الطبي لمقاتلي قوات الدعم السريع المصابين.

إبادة جماعية صامتة

مقابر جماعية، وقرى مدمرة، واغتصاب النساء والفتيات، ونزوح الملايين، وذبح الناس بوحشية، هي جرائم وقعت في دارفور قبل عشرين عامًا ولكن هذا هو السودان اليوم، حيث تحدث الإبادة الجماعية مرة أخرى.

ففي عام 2003 كانت ميليشيا الجنجويد (الدعم السريع حاليًا) تركب الخيول، أما الآن فهي تقود الشاحنات، ورغم أن اسمها قد تغير، إلا أن أهداف قوات الدعم السريع تظل كما هي – شعب المساليت.

واضطر السكان المحليون “المساليت” إلى التخلص من الجثث في مقبرة جماعية، مما حرم القتلى من الدفن اللائق، ومنذ اندلاع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل الماضي 2023، انخرط مقاتلو الميليشيا في هجمات واسعة النطاق على جماعة المساليت العرقية.

وأفاد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، في يوليو الماضي 2023 إلى أن “السكان المحليين (المساليت) أُجبروا على التخلص من جثثهم في مقبرة جماعية، مما حرم القتلى من الدفن اللائق”.

وذكر وزير شؤون أفريقيا في المملكة المتحدة أندرو ميتشل أن الأزمة تحمل “جميع السمات المميزة للتطهير العرقي”، وهي الأولى من نوعها بالنسبة للحكومة البريطانية.

وحتى الآن، قُتل ما لا يقل عن سبعة آلاف شخص ونزح أكثر من خمسة ملايين، في إبادة جماعية بمعنى الكلمة.

افتقار التنسيق

وفي حين قال الاتحاد الأفريقي إنه ملتزم باستعادة السلام والاستقرار في السودان، إلا أن الاتحاد يظل صامتًا بشأن التطهير العرقي الجاري حاليًا.

وانتقدت وزارة الخارجية السودانية بشدة الاجتماع بين رئيس الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد وممثل قوات الدعم السريع في أديس أبابا في 3 سبتمبر الماضي 2023.

وفي بيان صدر في يونيو الماضي 2023 دعت الرئيسة الحالية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لانا زكي نسيبة، من دولة الإمارات العربية المتحدة، الأطراف المتحاربة إلى “الوقف الفوري للأعمال العدائية، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وإرساء ترتيب دائم لوقف إطلاق النار واستئناف العملية نحو التوصل إلى اتفاق دائم”.

لا نهاية في الأفق

ولا يوجد سوى القليل من الحلول للأزمة السودانية، حيث لا يزال الصراع مستمرًا، فعلى مدار الأشهر الستة الماضية، تم انتهاك عدة اتفاقيات هدنة قصيرة الأمد.

ومع إجراء محادثات السلام التي ترعاها السعودية والولايات المتحدة الآن في جدة، ربما تكون قوات الدعم السريع قد عزز من نفوذها من خلال الاستيلاء على نيالا.

ولكن مع عدم مشاركة الإمارات العربية المتحدة، الراعي الحقيقي الوحيد لقوات الدعم السريع، في المفاوضات المقررة، فمن المشكوك فيه أن يشهد السودان السلام في أي وقت قريب.

تقارير متصلة

زر الذهاب إلى الأعلى