تقارير وتحليلات

سر يعود لأربعة عقود.. لماذا تعد الكاميرون الحليف الوفي لإسرائيل؟

ترجمات| على عكس العديد من الدول الأفريقية، أعربت جمهورية الكاميرون عن دعمها الثابت لإسرائيل منذ الهجوم الذي شنته فصائل المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023 على مستوطنات غلاف قطاع عزة المحاصر، وهي علاقة خاصة عززها الرئيس الكاميروني بول بيا منذ عام 1984.

وذكر الكاتب الكاميروني فرانك فوت في مقال بموقع theafricareport، أن الرئيس بيا أظهر دعمًا حازمًا لا لبس فيه لإسرائيل، وبعد مرور 48 ساعة على هجوم الفصائل الفلسطينية على إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، أعرب عن “تعازيه الصادقة للضحايا” في إسرائيل.

وفي رسالة إلى نظيره، إسحاق هرتزوغ، في 9 أكتوبر، قال بيا: “لقد أدركت بعاطفة حقيقية الخسائر البشرية الفادحة التي سببها هذا الهجوم”.

مع ذلك، لم يشر الرئيس الكاميروني إلى مئات الشهداء والمصابين الفلسطينيين ممن سقطوا نتيجة الرد الإسرائيلي الدموي على المدنيين في غزة.

وبدلا من ذلك، أعرب عن تمنياته بـ”الشفاء العاجل للجرحى” وآماله في “الإفراج عن جميع الأسرى المحتجزين” للجانب الإسرائيلي فقط، وهو موقف يتناقض مع موقف الاتحاد الأفريقي.

وعزا الاتحاد الأفريقي الأعمال العدائية الأخيرة في الشرق الأوسط إلى “إنكار الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، بما في ذلك الحق في إقامة دولة مستقلة”.

كما انحرفت الكاميرون عن الموقف الذي تبنته الغالبية العظمى من الدول الأفريقية التي دعت بحذر إلى وقف التصعيد.

تطور منطقي

يتماشى النهج الذي تتبناه الكاميرون مع التعاون التاريخي في القطاعين الأمني ​​والدبلوماسي الذي تطور في سياق محدد بعد وقت قصير من وصول بيا إلى السلطة.

وبعد عامين من توليه منصبه عام 1982، وقع الرئيس الكاميروني الجديد ضحية محاولة انقلاب قامت بها عناصر من الحرس الجمهوري، المسؤول نظريًا عن أمنه.

وعلى الرغم من فشل الانقلاب، فقد أدرك الرئيس نقاط الضعف في الأجهزة التي من المفترض أن تحميه، ونتيجة لذلك، بدأ عملية إعادة تنظيم كبيرة لجهازه الأمني.

وبموجب الاستراتيجية الأمنية الجديدة، تم تهميش ضباط الجيش من الجزء الشمالي من البلاد، مثل سلفه أحمدو أهيدجو، المشتبه في وقوفه وراء محاولة الانقلاب.

كما تم استبعاد فرنسا، التي كانت حتى الآن تقدم التدريب للحرس الجمهوري، وإدراكاً منه للتهديد الأمني ​​الذي يلوح في الأفق على مؤسسات البلاد، لجأ بيا إلى الإسرائيليين وبادر إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب، والتي كانت مقطوعة منذ حرب السادس من أكتوبر عام 1973 بين العرب وإسرائيل.

وفي الوقت نفسه، كانت إسرائيل مستمرة في تعزيز سمعتها في المجال العسكري وجذب العديد من الحكومات الأفريقية.

ومن الأمثلة على التعاون في هذا الصدد زائير (جمهورية الكونغو الديمقراطية الآن)، التي زارها بيا في عام 1985، وقد أتاحت له هذه الرحلة إلقاء نظرة فاحصة على النظام الذي أنشأه الإسرائيليون هناك.

وأشرف الرئيس الكاميروني بيا شخصيًا على الملف الإسرائيلي من مكتبه في قصر إيتودي الرئاسي، كان لديه دائرة صغيرة من الموالين إلى جانبه، بما في ذلك رئيس أركانه بيناي مبيكي، الذي قام بعدة رحلات إلى تل أبيب.

وقال وزير الخارجية في ذلك الوقت، ويليام إيتيكي مبوموا إنه لم يتم إبلاغه مطلقًا باستئناف العلاقات مع إسرائيل، مضيفًا: “كان الناس يتصلون بي من كل مكان للحصول على معلومات لم تكن لدي”.

حماية خاصة  

بعد محاولة الانقلاب، في عام 1985، كلفت تل أبيب مدربين إسرائيليين بتدريب وحدة لحرس رئاسي جديد للرئيس بيا، كان على رأسها آفي أبراهام سيفان، الملحق العسكري للبعثة الدبلوماسية الإسرائيلية المنشأة حديثًا في الكاميرون.

وتوسع التعاون الأمني الكاميروني ​​مع إسرائيل ليشمل: إمدادات عسكرية للجيش، وتدريب الأفراد في إسرائيل، وفي عام 1995، جرى تركيب نظام اتصالات يسمى هيليوس، وهو نتاج التعاون مع جهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد”.

وفي عام 1999، وضعت إسرائيل حداً لهذا الزخم، بسبب التحديات الاقتصادية التي واجهتها، وشهد هذا المنعطف أيضًا إنهاء وجود الملحقين العسكريين الإسرائيليين في ياوندي.

ومع ذلك، فإن العلاقة مستمرة، وهي الآن من اختصاص الخبراء، حيث قدمت الكاميرون عرضًا لمواصلة العمل في ياوندي عبر عقود خاصة، ومن بين المستفيدين من هذا الترتيب العقيد آفي أبراهام سيفان، الملحق العسكري السابق في السفارة.

وكُلف سيفان بتجنيد وتدريب كوماندوز مكون من 3000 جندي كاميروني، يمثلون كتيبة للتدخل السريع منذ عام 2001، والتي أصبحت جيشًا داخل الجيش، وبمثابة حرس إمبراطوري للرئيس بيا.

وهذا المنصب جعل من العقيد السابق حلقة وصل رئيسية في النظام الأمني ​​في الكاميرون حتى وفاته عام 2010.

علاقات دبلوماسية

وبالإضافة إلى التعاون العسكري، أصبحت الكاميرون حليفًا دبلوماسيًا لإسرائيل، وتعد إلى جانب إريتريا، الدولة الوحيدة في أفريقيا التي لم تعترف بوجود دولة فلسطينية.

وفي عام 1986، تجرأ بيا على استضافة رئيس الوزراء الإسرائيلي -آنذاك- شيمون بيريز في ياوندي، على الرغم من الضغوط والانتقادات من بعض الدول والمنظمات الأفريقية والعربية.

وكانت هذه أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء إسرائيلي إلى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى منذ 20 عامًا من العلاقات.

وبعد مرور عام، افتتحت الكاميرون سفارة في تل أبيب، وقام بيا بتعيين فيليب ماتاجا، أحد المقربين منه، كأول سفير.

وجنت تل أبيب من هذه العلاقات، رفض الكاميرون عام 1987 التصويت لصالح قرار منظمة الوحدة الأفريقية الذي يدين القمع الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.

وبالمثل، في عام 1991، صوتت الكاميرون لصالح قرار يعلن إلغاء قرار الأمم المتحدة لعام 1975 الذي يساوي بين الصهيونية والعنصرية.

ومع ذلك، يدرك بيا أن بلاده، التي تضم عددًا كبيرًا من السكان المسلمين في المنطقة الشمالية، ليست دائمًا مؤيدة لإسرائيل.

وبعد رسالته الأخيرة إلى نظيره الإسرائيلي (التي تؤيد العدوان غزة)، لجأ العديد من الكاميرونيين إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتنديد بعدم التعاطف مع المدنيين الفلسطينيين.

خط رفيع

يثير عدم قيام بيا بزيارة رسمية إلى إسرائيل على الرغم من الدعوات المتعددة، وكذلك عدم اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، تساؤل: هل رسمت الكاميرون خطا أحمر رغم العلاقات التي استفادت منها منذ أربعة عقود؟

فقد سبق أن أدلت الكاميرون بـ 134 صوتًا ضد إسرائيل على الساحة الدولية في عامي 1986 و1987، في بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى، دون أن توجه ضربة للعلاقة الخاصة الناشئة آنذاك بين البلدين.

تقارير متصلة

زر الذهاب إلى الأعلى