تقارير وتحليلات

الجيش المالي يستعيد “كيدال”.. أي دور ينتظر مرتزقة فاغنز في الساحل الإفريقي؟

الجيش المالي أعادة سيطرته على مدينة كيدال الاستراتيجية بعد سنوات من قبضة متمردي الطوارق

أعاد الجيش المالي سيطرته على مدينة كيدال الاستراتيجية (شمالي البلاد)، بعد سنوات من قبضة متمردي الطوارق (حركة تحرير أزواد) على المدينة التي تعد مركزًا تاريخيًا لحركات التمرد من أجل الاستقلال، ومفترق طرق على الطريق بين مالي والجزائر.

وأعلن المجلس العسكري الحاكم في مالي، سيطرة جيشه على كيدال بعد ثلاثة أيام من القتال في محيط المدينة، في وقت شوهد عشرات من مرتزقة فاغنر يتجولون في شوارع المدينة بمدرعاتهم، بعد أن أضحت خالية من سكانها.

مرتزقة فاغنر

ويعد الاستيلاء على كيدال، أبرز نجاح عسكري حققه المجلس العسكري الذي استولى على السلطة في عام 2020، واعترف منذ طرد المتمردين للجيش عام 2014 بأنهم انسحبوا لأسباب تكتيكية بعد أن قاوموا تقدم الجيش لعدة أيام.

وفي العاصمة باماكو وبلدة كاتي الغربية وأماكن أخرى في أنحاء الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، احتفل مواطنون بانتصار الجيش، بحسب الصور التي تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتُظهر الصور مجموعات من الأشخاص في كيدال وهم يستقبلون المركبات المدرعة والشاحنات الصغيرة المليئة بالجنود الماليين بالإضافة إلى الرجال المسلحين البيض الذين يُعتقد على نطاق واسع أنهم ينتمون إلى مجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية، فيما يزعم المجلس العسكري عدم وجود مقاتلي فاغنر في مالي.

وأعلنت السلطات العسكرية في مالي حظر التجول الليلي في جميع أنحاء المنطقة لمدة 30 يومًا ابتداء من الأربعاء، وقالت إنه يمكن تجديده.

حركة تحرير أزواد

وحتى ذلك الحين، كانت تنسيقية حركات أزواد، وهي تحالف من الجماعات المسلحة ذات الأغلبية من الطوارق، تحافظ على النظام في المدينة.

وقال المتحدث باسم الحكومة الكولونيل عبد الله مايغا: “رغم العقبات والمؤامرات، حققت قواتنا المسلحة والأمنية الباسلة أهدافها، ومالي ظلت وستبقى واحدة وغير قابلة للتجزئة”، كما مجدت عناوين الصحف انتصار الجيش.

وتشهد مالي اضطرابات عميقة منذ بدء التمرد في الشمال عام 2012، وذلك في البلد الذي تنشط فيه جماعات إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة وتنظيم داعش.

ووافقت الجماعات الانفصالية التي يهيمن عليها الطوارق على وقف إطلاق النار واتفاق السلام في عامي 2014 و2015، لكنها حملت السلاح مرة أخرى، وبعد خسارة كيدال، تعهدوا بمواصلة القتال.

بدوره، قال الأمين العام لحركة تحرير أزواد، بلال أغ الشريف، إن معركة أزواد في بداياتها، ولن تنتهي إلا بانتصارنا، وذلك في أو كلمة له بعد إعلان الإطار الاستراتيجي الدائم انسحابه من مدينة كيدال أكبر معقل للحركات المسلحة في أزواد.

وقال أغ الشريف في تدوينة هي الأولى له منذ أبريل الماضي، في حسابه على منصة إكس :”أحييكم وأحيي ثباتكم وعزيمتكم من أجل الدفاع عن وجودكم المستهدف اليوم بكل الطرق من قبل العدو بشكله الجديد”.

وأضاف: أوكد لكم أن المعركة في بدايتها وسوف نخوضها إلي نهايتها، ولن تنتهي إلا بانتصارنا.. دخول مرتزقة فاغنر إلي مدينة كيدال متبوعة بجنود باماكو حدث، ولكنه سوف تتبعه أحداث ولن يقرر مصير و مستقبل الحرب”.

وقال: لم تستعيد مالي كيدال ولا غيرها من المدن من أيدنا، بل بفعل قوة مرتزقة دولية الجميع يعرف من وراءها، ولن يصمد ذلك التحالف الهمجي أمامنا وأمام عدالة قضيتنا، ولدينا كل الوقت والتصميم والإرادة للانتصار وليس لنا خيار سواء الانتصار.

معضلة الانقلابات

ومالي تواجه أيضًا أزمة سياسية، بعد انقلابات متتالية في عامي 2020 و2021، وكسر المجلس العسكري الحاكم تحالفًا عسكريًا مع الحليف التاريخي، فرنسا، وشركاء أوروبيين آخرين، وتحول سياسيًا وعسكريًا نحو روسيا.

وفي الآونة الأخيرة، أمرت بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار بالمغادرة، إذ جعل المجلس العسكري من استعادة السيادة الإقليمية شعاره، قبل استيلائه على السلطة، كان يُعتقد أن ثلثي أراضي الدولة الواقعة في منطقة الساحل خارجة عن سيطرة الدولة.

ويزعم المجلس العسكري أن جيشه اكتسب السلطة بمساعدة ما يسميه المدربين الروس، ويقول إنه ترك “الإرهابيين” – وهي العبارة الشاملة التي تستخدمها للإشارة إلى الجهاديين والمتمردين الانفصاليين – في “حالة من الفوضى”.

وكتب الباحث إيفان جيشاوا على وسائل التواصل الاجتماعي: “غزو كيدال يرسل رسائل إلى ما هو أبعد من مالي، وقالت إن ذلك يمكن أن يلهم الأنظمة العسكرية الأخرى من خلال الإشارة إلى أن الروس “يقومون بالمهمة” وتبرير استخدام القوة.

وتخضع بوركينا فاسو والنيجر المجاورتان أيضًا لحكم المجلس العسكري الذي استولى على السلطة بعد انقلاب مالي عام 2020.

وهنأ قادتهم المجلس العسكري في مالي على الاستيلاء على كيدال.

وقال المعارض السياسي والمرشح الرئاسي السابق عمر ماريكو، وهو صوت معارض نادر، لوكالة فرانس برس من المنفى، إن “التركيز على كيدال هو جزء من سلسلة من التلاعبات السياسية الكبرى من قبل زمرة من الحيوانات المفترسة”.

واعتبارا من الثلاثاء الماضي أضحت مدينة كيدال الأزوادية تحت سيطرة مليشيات فاغنر الروسية بعد إعلان الحركات المسلحة في أزواد الانسحاب من المدينة دون قتال لتجنبيها القصف والدمار، على حد تعبيرهم.

وبدخول الجيش المالي ومرتزقة فاغنر لكيدال واحتلال مطارها وقاعدتها يتوقع أن تشهد المنطقة فصلاً جديدًا من الصراع، أطرافه مالي وفاغنر، والجبهات الأزوادية، والحركات المتطرفة، وسط غياب تام لأي قوى إقليمية ودولية في المنطقة.

تقارير متصلة

زر الذهاب إلى الأعلى